حينما أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - بتشكيل لجنة وزارية لدراسة قضية مستويات المعلمين والمعلمات التي أصبحت أم القضايا في البلد كان يريد من هذه اللجنة المشكَّلة أن توجد حلولٌ جذرية كفيلة بإغلاق أبواب ونوافذ ودهاليز هذه القضية التي امتدت ما يزيد على خمسة عشر عاماً.
اللجنة الوزارية بعد أشهر من تشكيلها رفعت توصياتها ونتائج دراساتها إلى المقام السامي لاعتماد ما تم التوصل إليه، التي تضمنت إعطاء المستويات المستحقة، وصرف النظر عن الفروقات وكذلك الدرجة المستحقة التي تمثل خدمة المعلِّم؛ لتكون النتيجة التي أعتقد جازماً أنها لا تُقبل في موازين العقل والمنطق والنظام هي تساوي راتب معلِّمَين تجاوزت خدمة الأول خمس سنوات، بينما لا يزال المعلِّم الآخر في سنته الأولى من الخدمة!
وبكل المقاييس كانت النتائج التي توصلت إليها اللجنة بخصوص هذه القضية مجحفة ومخيبة لآمال جميع المعلمين والمعلمات؛ فالمادة (18 أ) التي تمت معاملة المعلمين بما تنص عليه لا تنطبق على المعلمين بحال من الأحوال، وإنما هي خاصة بالموظفين من غير المعلمين والمعلمات.
بهذه المادة تساوى راتب المعلم الجديد براتب معلم سبقه بأعوام عدة، بهذه المادة تمت مساواة مَنْ يحمل مؤهلاً تربوياً بمن ليس لديه هذا المؤهل في بعض الدفعات، بهذه المادة ستنتج لدينا مشكلة مالية تراكمية مع مرور السنوات كما حصل في المستويات؛ حيث إن الوضع قبل تحسين المستويات يُعتبر أفضل بمقياس "ظلم الجميع عدل"؛ فالمعلِّم قبل التحسين يتم تعيينه على المستوى الثاني، ثم الثالث، وهكذا حتى يتحصل على مستواه المستحق بناءً على سنوات خدمته، وبهذا يشعر بعد مرور خمس سنوات من التعيين بأنه يوجد فرق بينه وبين المعلِّم الجديد الذي سيمر بالروتين ذاته حتى يتحصل هو الآخر على مستواه المستحق تدريجياً.
القضية لم تكن لتحتاج إلى كل هذا الطحن والعجين والمرافعات والمطالبات، المسألة فقط تحتاج إلى نسختين: نسخة من اللائحة التعليمية التي توضح كادر المعلمين الوظيفي حسب المؤهلات، ونسخة تتضمن تواريخ المباشرة للمعلِّمين؛ حتى يوضع كل معلِّم على درجته التي توازي سنوات خدمته.
القضية عُرضت على المحكمة الإدارية بمكة المكرمة ليأتي الحكم بخيبة أمل جديدة للمتضررين كافة، وبلغت خيبة الأمل ذروتها حين صادقت محكمة الاستئناف على حكم المحكمة الإدارية، مرددة مع مَنْ سبقها من لجنة وزارية ومحكمة إدارية ووزارة التربية والتعليم ووزارة الخدمة المدنية المقولة الشهيرة "يُكتفى بما ورد في الأمر الملكي"!!
عجبي من هذه المقولة التي يتم تخدير المعلِّمين بها مع كل مطالبة؛ فالأمر الملكي ليس إلا اعتماد ما تم رفعه من قِبل اللجنة الوزارية، وليس الأمر الملكي هو من قال عاملوا المعلمين بالمادة (18 أ)؛ فالأمر الملكي يا معالي أعضاء اللجنة الوزارية الموقرين، ويا قضاة المحكمة الإدارية ومحكمة الاستئناف الفضلاء، لم ينص على ضرورة بخس المعلِّمين حقوقهم وسنوات خدمتهم، الأوامر الملكية منذ تأسيس هذه البلاد ما كان لها إلا أن تحق الحق وتبطل الباطل.
علي بن محمد الثوابـــي
amalthawaby@hotmail.com